news-details

صفحات من تاريخ الحركة النقابية العربية الفلسطينية: نحن وحركة العمال العالمية

ننشر في هذه الحلقة الثالثة - الجز الأول مما كتبه حمدي الحسيني تحت عنوان "نحن وحركة العمال العالمية"، في صحيفة "مرآة الشرق" ولا نبغي مناقشة فحوى ما كتبه، بل نقوم بنقل كتابه هذا بأمانة، ضمن ما جرى من نقاش، بل من هجوم من قبل بعض الصحف التي تنطق بمواقف معادية للحركة النقابية العربية الفلسطينية، بل وصل الأمر لدى البعض بتخوين القائمين على تأسيس المؤتمر النقابي العربي الفلسطيني  الأول، واتهامهم بأنهم "ذراع للحركة الصهيونية"، واتهامهم بالشيوعية التي يعاديها هؤلاء بسبب فكرهم الطبقي، متسترين خلف مقولات "قومية" ما زلنا نشهدها ونسمعها حتى يومنا هذا،لكن الحسيني يتطرق في هذه الحلقة الى دور طبقة الأغنياء في خدمة كل من الإستعمار التركي ومن بعده الإستعمار  الإنكليزي.
ج.ع

**
نحن وحركة العمال العالمية
*بمناسبة مؤتمر العمال العرب في حيفا الأستاذ الحسيني يشرح أساليب الاستعمار*

حدثنا القراء في كلمتنا الماضية بشيء موجز عن مطاردة المستعمرين للحركات الإستقلالية في بلاد الشرق المستعمرة ووقفنا بهم عند مطاردة المستعمرين الإنكليز للحركات الإستقلالية العربية في فلسطين. ومن حق القراء أن نكشف لهم الستار عن وسائل المستعمرين في مطاردة هذه الحركة ونبين لهم المواضع التي يستمدون منها قوتهم في هذه المطاردة وسيرى القراء خلال هذا الموضوع العلة في في تعضيدنا حركة العمال العامة وعطفنا على عمال العرب خاصة وهي العلة التي يقوم على تفهمها كتاب صاحبنا اليافي الذي عقدنا عليه هذه السلسلة من المقالات.
للإستعمار – التركي آثاره الواضحة في جوهر القضية العربية كما أن الدعاية الأجنبية المترعرعة في ظل ذلك الإستعمار آثارها أيضاً. وليس من العسير أن نرجع بالقارئ الى الماضي فنريه القضية العربية أثناء الحكم التركي متعددة النواحي كثيرة الجوانب. فبينما نرى النهضة اللبنانية تعمل في لبنان ومصر وباريس وأمريكا منذ ثلاثين سنة لتوسيع لبنان بالحاق بيروت والبقاع له وتوطيد نفوذ الإفرنسيين فيه بأنواع الدعاية الواسعة نرى الإرساليات الإنكليزية منتشرة في فلسطين وسوريا أيضاً بدعاية واسعة للاستعمار الإنكليزي وراء جدران المنائس والمدارس والمستشفيات. بينما كان هؤلاء يعملون للإستعمار الأجنبي ويشايعهم في عملهم طائفة غير قليلة من ذوات البلاد وأعيانها، كان فريق من العرب يجهر بطلب الإصلاح للولايات العربية وفريق آخر يعمل لإستقلال البلاد العربية ضمن الجامعة العثمانية على أساس الامركزية وفريق آخر ينادي بالإنتقاض على الترك لفصل البلاد العربية عن الإمبراطورية العثمانية فصلاً تاماً ومن وراء هؤلاء جميعاً طبقة من العرب تدعو العرب للرضاء بالإستعمار التركي والإستقرار تحت جناحه ولهؤلاء جميعاً أحزاب وجمعيات علنية وسرية تتابع عملها في الدائرة التي اختطتها لنفسها، ومن هذا يرى القارئ اثر الإستعمار التركي واضحاً في القضية العربية ويرى ايضاً طلائع الإستعمار الغربي تخب في البلاد وتضع وكلاء الإستعمار بين  يطاردان فكرة الإستقلال للبلاد العربية وانشاء وحدة قوية لها يجمع ما تناثر من شئونها وتداعى من اركانها. والذي يهمنا أن نلفت القارئ اليه بجانب هذا الأمر هو أن الإستعمار التركي  وطلائع الاستعمار الغربي كلاهما كان يمتطي طبقة واحدة من الأمة هي طبقة الأغنياء الذين يسمون أنفسهم (ذواتا وأعيانا)فيصلان على ظهر هذه الطبقة الى اغراضهما من الأمة المسكينة الساذجة وليس من الصعب على القارئ بعد الذي تقدم أن يرمي بنظره الى القضية العربية بعد امتداد لاستعمار الغربي على بعض الافكار العربية فيرى التشاكل والتشابه بين هذا الاستعمار وذاك ويرى في وضوح وبيان ان دعائم الإستعمار التركي بالأمس هم أنفسهم دعائم الاستعمار  الغربي اليوم وان اختلف الزمان وتلونت الظروف والحوادث.
بالأمس كان في البلاد من يود أن تحتل فرنسا سوريا وانكلترا فلسطين والعراق وكان هذا الفريق يعمل لهذا الغرض ايام العهد التركي وهذا الفريق نفسه لا يزال موجوداً في البلاد يؤيد الاستعمار الافرنسي والانكليزي ويتفانى في توطيد انتداب كل منهما في القطر الذي يعيش فيه...(يتبع)

أخبار ذات صلة